اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
فتاوى الصيام
133950 مشاهدة
الغيبة والنميمة للصائم

س56: هل الغيبة والنميمة -التي ابتلي بها كثير من الناس- تبطل الصيام؟
الجواب: هذه الأمور محرمة في كل الأوقات، وخاصة في رمضان. فإن الصائم مأمور بأن يحفظ صيامه عما يجرحه من الغيبة والنميمة وقول الزور يقول -صلى الله عليه وسلم- ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث .
وروى أحمد في مسنده: أن امرأتين صامتا فكادتا أن تموتا من العطش، فذكرتا للنبي -صلى الله عليه وسلم- فأعرض عنهما، ثم ذكرتا له فدعاهما وأمرهما أن يتقيئا؛ فقاءتا ملء قدح قيحا ودما وصديدا، فقال: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله؛ جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس وقال -عليه الصلاة والسلام- رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر .
فالحاصل أن هذه الأشياء مما تخل بالصيام، وإن كانت غير مبطلة له إبطالا كليا، ولكنها تنقص ثوابه، وعلى الصائم أن يحفظ جوارحه عن الخصومة إذا سابه أحد أو شاتمه؛ لذلك يقول -عليه الصلاة والسلام- إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يصخب، فإن امرؤ سابه أو شاتمه فليقل: إني صائم وفي رواية: إني امرؤ صائم .
فعلى الصائم أن يجعل لصيامه ميزة؛ فعن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الغيبة والنميمة، ودع أذى الجار، وليكن عليك السكينة والوقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء. أو كما قال.
فإن لم يكن الصيام كذلك فإنه يكون كما قال بعضهم:

إذا لم يكن في السمع مني تصاون وفي بصري غـض وفي منطقي صمت
فحظي إذا من صومي الجوع والظمأ وإن قلت إني صمت يومـي فما صمت